تُعد شركة الشخص الواحد نمطًا جديدًا من الشركات وقد تم استحداثه في قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 بعد تعديلاته الأخيرة التي تمت عام 2018، وذلك بموجب القانون رقم 4 لسنة 2018 ولائحته التنفيذية بموجب القرار رقم 16 لسنة 2018. تمكن هذه التعديلات المستثمر الصغير من تأسيس شركة بمفرده في شكل فريد من أشكال الشركات، وهي شركة “الشخص الواحد”. هذه الشركات مطبقة في العديد من الدول وحققت فيها نتائج مبهرة؛ نظرًا لكونها ذات مسئولية محدودة بقيمة رأس المال، مما يقي المستثمر من المخاطر التي يتعرض لها في كامل ذمته المالية. كما أن لها أثرًا هامًا في الحد من ظاهرة تأسيس الشركات الصورية لاستيفاء شرط تعدد الشركاء.
لذا، سوف نقوم بعرض وبيان ماهية شركة الشخص الواحد والخصائص التي تميزها عن غيرها من أنواع الشركات المختلفة، ثم نبين نقاط الضعف والقوة التي أعطاها المشرع لهذا النوع من الشركات والشروط المفروضة لإنشاء شركة الشخص الواحد. بعد ذلك، سنتحدث عن خطوات وإجراءات تأسيسها والمستندات المطلوبة لذلك، وأخيرًا سنوضح الفرق بينها وبين المنشأة الفردية.
ماهية شركة الشخص الواحد
طبقًا للتعريف الذي تم النص عليه في آخر التعديلات التي أدخلت على قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981، فإن شركة الشخص الواحد هي “شركة يمتلك رأسمالها بالكامل شخص واحد، سواء كان طبيعيًا أو اعتباريًا، وذلك في حدود الأغراض التي أنشئت من أجلها ولا يسأل مؤسس الشركة عن التزاماتها إلا في حدود رأس المال المخصص لها”.
وقد تؤسس الشركة ابتداءً من شريك واحد أو قد تتحول إلى شركة من شريك واحد جراء بقاء شريك واحد فيها. والشركة بهذا الشكل تعتبر استثناءً من الأصل الذي يتوجب وجود طرفين على الأقل؛ لأن الشركة بصورة عامة هي عقد يلتزم به شخصان أو أكثر، إلا أن شركة الشخص الواحد مكونة من شخص واحد فقط وهو شيء مستحدث في قانون الشركات.
ونعني بالمسؤولية المحدودة لمؤسس الشركة أو مالكها أنه قد حدد جزءًا من ذمته المالية لنشاط تلك الشركة، وبالتالي فهو مسؤول فقط في حدود مقدار حصته في رأس المال. لذلك، في حال أن لحقت بالشركة أية خسائر، تكون بقية أمواله في مأمن عن تلك الخسائر؛ حيث تكون مسؤوليته محدودة في مواجهة الغير بمقدار رأس المال المسجل، وتكون الشركة بكامل موجوداتها مسؤولة عن أي التزامات للغير.
خصائص شركة الشخص الواحد
لا تحتاج شركة الشخص الواحد سوى شريك واحد هو مؤسسها ومالكها الوحيد الذي يتمتع بالمسؤولية المحدودة كما سبق بيانها. لذلك، فإن أهم وجه من أوجه ضعف تلك الشركة هو “ضعف الائتمان”، حيث يكون الشريك، وهو المالك الوحيد، مسؤولًا فقط بمقدار حصته في رأس المال. هذا يؤدي إلى ضعف الائتمان لأن من يتعامل مع هذه الشركة قد لا يستطيع الحصول على حقوقه، خاصة في حالة تصفية الشركة أو إعلان إفلاسها. وبالتالي، على الغير الذي يتعامل مع شركة الشخص الواحد أن يأخذ ذلك في الحسبان.
ومن أوجه القوة في هذا النوع من الشركات هو “سهولة اتخاذ القرارات داخل الشركة”، حيث يمارس مالك الشركة جميع الصلاحيات والسلطات الممنوحة لهيئة المديرين/مجلس الإدارة، وكذلك يمارس الصلاحيات المخولة للجمعيات العمومية العادية وغير العادية كونه الشريك الوحيد. هذا ينعكس على تحقيق الأرباح وإحساس المالك بقيمة ما بذله من جهد ورعاية. ومن أهم مميزات فردية اتخاذ القرارات هو “سهولة تحويل صفة الشركة أو دمجها مع غيرها”.
شروط وإجراءات إنشاء شركة الشخص الواحد
تتعدد الشروط والإجراءات اللازمة لإنشاء شركة الشخص الواحد، وتشمل:
أولًا:
تنشأ شركة الشخص الواحد عن طريق شخص طبيعي أو اعتباري واحد فقط. وإذا كان مؤسس الشركة أحد أشخاص القانون العام، وجب الحصول على موافقة رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص – بحسب الأحوال – على تأسيس الشركة.
ثانيًا:
تؤسس شركة الشخص الواحد بطلب يقدمه مؤسسها أو من ينوب عنه إلى الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
ثالثًا:
يكون لشركة الشخص الواحد نظام أساسي يشتمل على اسمها وأغراضها وبيانات مؤسسها ومدتها وكيفية إدارتها وعنوان مركزها الرئيسي وفروعها إن وجدت ومقدار رأسمالها وقواعد تصفيتها وأي بيانات أخرى تحددها اللائحة التنفيذية لقانون الشركات رقم 159 لسنة 1981.
رابعًا:
لا يجوز أن يقل الحد الأدنى لرأس المال عن خمسين ألف جنيه، ويجب أن يدفع بالكامل عند التأسيس. ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون حصص رأسمال الشركة في شكل أسهم قابلة للتداول. كما لا يجوز لهذه الشركة أن تصدر أي نوع من أنواع الأوراق المالية أو الاقتراض عن طريق إصدار أوراق مالية. كما لا يجوز لها الاكتتاب العام سواء عند التأسيس أو عند زيادة رأس المال.
خامسًا:
يتم شهر شركة الشخص الواحد وتكتسب الشخصية الاعتبارية من تاريخ قيدها في السجل التجاري. وتسري العقود والتصرفات التي أجراها المؤسس باسم الشركة – تحت التأسيس – في حق الشركة بعد تأسيسها متى كانت لازمة لتأسيس الشركة.
سادسًا:
لا يجوز لشركة الشخص الواحد ممارسة أعمال التأمين أو البنوك أو الادخار أو تلقي الودائع أو استثمار الأموال لحساب الغير.
سابعًا:
يلتزم مؤسس شركة الشخص الواحد، في حالة تصرفه في كامل رأس المال إلى شخص طبيعي أو اعتباري آخر، باتخاذ إجراءات تعديل بيانات الشركة والسجل التجاري خلال مدة لا تتجاوز تسعين يومًا من تاريخ التصرف وفقًا للآتي:
- إخطار الهيئة العامة للاستثمار قبل 15 يومًا من تاريخ التصرف.
- الحصول على موافقة رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص، بحسب الأحوال، في حال التصرف إلى شخص اعتباري من أشخاص القانون العام.
- عدم الإخلال بأحكام المادة (129 مكررا 2) من قانون الشركات.
- عدم الإخلال بالتزامات الشركة تجاه الدائنين أو تجاه الغير.
- إشهار التصرف في السجل التجاري.
- تعديل بيانات الشركة بما يتضمن اسم المالك الجديد والتزامه بكافة الالتزامات القائمة على الشركة.
ثامنًا:
في حالة التصرف في جزء من رأس مال الشركة إلى شخص أو أكثر، تلتزم الشركة باتخاذ إجراءات توفيق أوضاعها وفقًا للشكل القانوني الذي يختاره الشركاء لها خلال مدة لا تجاوز التسعين يومًا من تاريخ التصرف، بشرط:
- إبلاغ الهيئة العامة للاستثمار بذلك وأخذ موافقتها.
- التعهد بإتمام إجراءات التوفيق خلال الفترة المحددة، وإلا اعتبرت الشركة تحت التصفية حكمًا.
- وفي جميع الأحوال، لا يكون التصرف نافذًا في حق الغير إلا من تاريخ قيده في السجل التجاري.
المستندات المطلوبة لتأسيس شركة الشخص الواحد
1- تقديم شهادة عدم الالتباس للاسم معتمدة من السجل التجاري.
2- شهادة بنكية بقيمة 100% من رأس المال.
3- صور إثبات الشخصية (رقم قومي) للمؤسس المصري وجواز السفر للمؤسس الأجنبي.
4- توكيل بتأسيس شركة الشخص الواحد، سواء كان المؤسس شخصاً اعتبارياً أو طبيعياً، يحتوي على تأسيس الشركات والتوقيع على عقود التأسيس أمام الشهر العقاري.
5- نموذج الاستعلام الأمني عن صاحب الشركة أو المدير الأجنبي.
6- صورة من كارنيه القيد في نقابة المحامين للمحامي.
7- تحديد اسم وعنوان المستشار القانوني للشركة على ألا تقل درجة القيد عن محامٍ استئناف.
8- مراقب حسابات الشركة (إقرار بقبول التعيين من مراقب الحسابات للشركة).
9- في حالة الدخول بحصة عينية في التأسيس، يتم الاكتفاء فقط بتقديم تقرير من أهل الخبرة من أصحاب المهن المنظمة بقانون، وذلك بحسب طبيعة كل حصة.
10- في حالة الشخص الاعتباري – على ألا يكون شركة شخص واحد – بتأسيس شركة الشخص الواحد، يتم تقديم المستندات التالية
بجانب المذكور أعلاه يجب عمل الآتي:
أ- توكيل من الممثل القانوني للشخص الاعتباري.
ب- سجل تجاري حديث مع الاطلاع على الأصل.
الفرق بين شركة الشخص الواحد والمنشأة الفردية
يتم تأسيس المنشأة الفردية طبقًا لأحكام قانون الاستثمار الجديد رقم 72 لسنة 2017، وتباشر نشاطًا أو أكثر من الأنشطة المنصوص عليها في المادة الأولى من قانون الاستثمار بالشروط والأوضاع المقررة لكل نشاط. وينشئ المنشأة الفردية شخص طبيعي واحد ويعتبر في حكم القانون تاجرًا.
يشترط حد أدنى لرأس مال المنشأة الفردية مائة ألف جنيه مصري، ولا تكتسب المنشأة الفردية شخصية اعتبارية مستقلة عن صاحبها، حيث يكون ملتزمًا بجميع الديون في أمواله الخاصة.
أما في شركة الشخص الواحد، فيشترط الآتي:
- حد أدنى لرأس المال يُدفع بالكامل عند التأسيس، ويتمتع مؤسسها بمسؤولية محدودة في حدود رأس المال، وتخضع للأحكام التي قمنا بسردها هنا.
- تجدر الملاحظة أنه تسري أحكام الشركة ذات المسؤولية المحدودة الواردة في قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 على شركة الشخص الواحد فيما لم يرد به نص خاص.